قصص مخفية داخل مستشفيات العزل في مصر.. تعرف عليها
يسطر الأطباء بمستشفيات العزل في مصر، يوميا، قصص وحكايات كثيرة ستظل خالدة، يكتبها أبطال الطاقم الطبي من جيش مصر الأبيض بالمستشفى، والذين يصنعون يوميا مجدًا عظيمًا، ويسطرون ملحمة بالإخلاص والتفاني، حتى أصبح المستشفى يحظى بأعلى معدلات لنسب الشفاء على مستوى الجمهورية.
ولهذا نستعرض معكم أمثلة من الأطباء في زمن الكورونا.. وهى أمثلة لقصص مخفية داخل مستشفيات العزل المصرية:
الطبيب حسام فتحي
ومن أحد أفراد جيش مصر الأبيض والفريق الطبي الدكتور حسام أحمد فتحي، الطبيب بمستشفى إسنا، منذ أن تم تخصيصه كمستشفى للعزل في مارس الماضي لعلاج الحالات المؤكد إصابتها بفيروس كورونا المستجد على مدى الأشهر الماضية، وهو طبيب قاهري، أصوله من محافظة الفيوم، وكان يعمل طبيبًا مقيمًا نائب جراحة العظام، قبل أن يلبي نداء الواجب ويعمل في علاج مصابي فيروس كورونا.
وأخذ على عاتقه قسمًا كاملًا يعالج فيه المرضى، ضمن أفراد الطواقم الطبية التي تعاقبت على المستشفى، كما تولى مسئولية المنسق والمتحدث الإعلامي باسم مستشفى العزل بإسنا، ليرسل رسائل طمأنة يومية حول نسب الشفاء والتعافي لمرضى الفيروس القاتل، فضلا عن قيامه بالرد على جميع الاستفسارات التي تصل له سواء عبر الهاتف أو مواقع التواصل من قبل المواطنين، ولم يبخل على أحد بمعلومة أو استشارة بجانب عمله في خط الدفاع الأول لمواجهة الفيروس، ليرتبط بتلك التصرفات بقصة عشق مع أهالي إسنا نظرًا لتعاونه ودعمه المتواصل.
وبالتزامن مع احتفاله بتعافي ٤٢ مريضًا من أصل ٥٧ مريضًا مروا بالقسم المسئول عنه، يسرد الدكتور حسام فتحي تجربته التي ما زالت مستمرة بمستشفى إسنا، قائلا: "أنا طبيب مقيم بمستشفى إسنا، قبل حدوث الجائحة، فلست بغريب على أهل الأقصر وإسنا تحديدا، وهو ما جعلني شاهدًا على غالبية الأحداث داخل مستشفى العزل بإسنا، وأحب أن أوجه - بداية - شكري وتقديري واعتزازي وامتناني لكل أبناء مدينة إسنا الحبيبة على دعمهم المتواصل للفريق الطبي داخل العزل.
وأضاف فتحي: "مؤخرا قضيت ٣٠ يومًا بالتمام والكمال داخل أحد أقسام العزل بإسنا، أعمل وحدي كطبيب معالج لهذا القسم الداخلي بالمستشفى الذي يتكون من ٢٠ سريرًا، كمسئول مباشر عن ١٩ مريضًا مصابًا بفيروس كورونا، والسرير الـ٢٠ مخصص لماكينة الغسيل الكلوي لكل مرضي الفشل الكلوي داخل المستشفى، مواعيد عملي ٢٤ ساعة وأتقاضى أجر ١٢ ساعة فقط، نظرًا لانتداب زملائي العاملين بالقسم لمتابعة حالات الولادات القيصرية وأطفالهم بالحضانة".
ويواصل: "على مدى عملي منذ مارس الماضي، فقد شهد هذا القسم تعاقُب المرضى عليه ٣ مرات، واستقبل خلال الشهر الفائت ٥٧ مريضًا، مروا علىّ وعشت معهم لحظات الحزن والفرح والتوتر والخوف والاكتئاب، وكذلك الأمل والتفاؤل والمرح، حتى تعافي أقدم ٢ مرضي عندي، بعدما ظلوا معي شهرًا كاملًا وكانت منهم حالات صعبة منهم مريض غسيل كلي، حتى وصل إجمالي عدد المتعافين بهذا القسم فقط إلى ٤٢ حالة من أصل ٥٧ مريضًا، مزجوا بإيمانهم وتضرعهم وإقامتهم للصلوات جماعة داخل القسم وجاءت النتيجة في النهاية أن يكافئهم الله بأن يعفو عنهم ويشفيهم".
الطبيبة هديل عبد الرحيم
لم تكن تتخيل الطبيبة "هديل عبد الرحيم" أنها ستحمل معها قصص متعافين من فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩) ومواقف لا تنسى، إلى منزلها بعد انتهاء مهمتها داخل أحد مستشفيات العزل المصرية.
وهديل واحدة، من الأطقم الطبية بمصر الذين يؤدون مهمتهم في علاج المصابين بكوفيد-19، فيصحبوهم في رحلة لا تخلو من مواقف مليئة بالأمل والإصرار على التعافي.
ولم تستطع الطبيبة هديل، اختصاصية أمراض صدرية بمستشفى ١٥ مايو بحلون (جنوبي العاصمة)، أن تنساها بدأت عندما شعرت امرأة حامل في الشهر التاسع بأعراض كورونا، فأجرت تحليل الـ"بي سي آر" ثم وضعت طفلها بعد ساعات، قبل أن تظهر النتيجة وتكتشف إصابتها بالفيروس المتسجد.
وتؤكد أن "الموقف برمته كان صعبا علينا لأن الأم خضعت للعزل ومعها طفلها وعمره يوم، ولم نكن نعرف في البداية ما إذا كان الطفل مصابا هو أيضا أو لا، ثم تبين بعد ذلك أنه سليم لنواجه تحديا آخر هو بقاء الطفل مع والدته المصابة".
تضيف: "هذه الأم وطفلها من القصص التي لن أنساها أبدا.. ما زلت أذكر قلقي على ذلك الطفل.. كنا نتساءل كطاقم طبي هل سينتقل الفيروس للطفل عبر الرضاعة الطبيعية؟ كيف نحميه ونؤمن فترة بقائه مع والدته دون أن تنتقل له العدوى؟".
وعلى الرغم من عشرات الحالات التي تعرضت لها الطبيبة "هديل عبد الرحيم"، خصوصاً مع إصابة زملاء لها بكورونا، فإنها تعتبر قصة الأم وطفلها من أكثر القصص الملهمة لأن "الأم أصرت على أن يكون الطفل برفقتها، كما كان لديها إصرار على هزيمة الوباء، خلال أسبوعين، دون أن تنقله لطفلها"، بحسب الطبيبة.
وتنصح الطبيية الشابة الجميع بارتداء الكمامات وغسل اليدين بصورة مستمرة، والاهتمام بالحالة النفسية ورفع كفاءة المناعة بالأكل الصحي والمشروبات الطبيعية.
الممرضة مى منسى
التى عادت لأم أصيبت بفيروس كورونا ومعها أولادها، بعدما انتقلت لهم العدوى من رب الأسرة، ثم تماثل الجميع للشفاء قبل الأم فكان لزاما عليهم توديعها لحين شفائها.
وتروي "منسي"، ممرضة بمستشفى قها الجامعي بمحافظة القليوبية: "قصة هذه العائلة أثرت في لدرجة لا أتصورها، خصوصا المشهد الذي اضطرت فيه الأم عزيزة لتوديع طفلتها جنى المتعلقة بها، بعد تماثل الأخيرة للشفاء، لا أنسى مشهد الطفلة وهي تصر على معانقة والدتها ولا ترغب في مغادرة المستشفى".
تتابع "منسي" وهي تسترجع تلك اللحظات: "حاولت إقناع الطفلة أن تترك والدتها وتذهب مع والدها وشقيقها لحين شفاء والدتها.. قلت لها مجرد أيام قليلة وتعود لكم، وهو ما حدث".
تضيف الممرضة الشابة: "معنويات الأم كانت مرتفعة جدا، كان لديها دافع للتغلب على المرض.. كانت تخبرنا بأنها اشتاقت لأطفالها وستعود لهم بسرعة".
نجحت الأم في هزيمة كورونا وخرجت من المشفى لتترك قصتها لمنسي ترويها لأسرتها بعد انتهاء مهمتها داخل مستشفى العزل، لتبدأ فصلا جديدا من التواصل الإنساني ومهاتفة الأم يوميا للاطمئنان على الأسرة وبالأخص الصغيرة الصغيرة جنى.
الممرضة سميرة
حيث يرن هاتف الطبيب "أحمد الشافعي"، اختصاصي الباطنة والمناظير، ليستقبل مكالمة من أحد المستشفيات التي يعمل بها، تبلغه بأن الممرضة التي لطالمت عملت معه أصيبت بكورونا وهي في طريقها إلى مستشفى العزل حيث يباشر عمله منذ أيام.
وعلى الرغم من أن "الشافعي" لا ينسى أيا من الحالات التي تعامل معها داخل مستشفي العزل (مستشفى ١٥ مايو)، فإنه يعتبر حالة الممرضة سميرة من أكثر القصص المؤثرة للمتعافين من كورونا.
ويقول: "استقبلت الممرضة سميرة من سيارة الإسعاف.. كانت خائفة ولا تعرف بالظبط كيف ستقضي أيامها المقبلة، حاولت طمأنتها رغم قلقي على حالتها خصوصا أنها في نهاية الخمسينيات وتعاني أعراضا شديدة لكورونا".
يضيف: "حالتها كانت سيئة بخلاف أنها مصابة بحساسية صدر. كانت تعاني ارتفاعا في الحرارة وإسهالا شديدا ونسبة الأكسجين قليلة.. لم يكن أحد منا متفائلا بالحالة لكن حدث العكس".
يتابع الشافعي: "خلال رحلة علاج استمرت ٤ أسابيع، كان الحافز الأكبر لسميرة عودتها لأسرتها، كانت تسأل عن كل تفاصيل الفيروس، تتبع التعليمات بحاذفيرها، رأيتها تتغلب على مخاوفها قبل كورونا حتى شفيت تماما".
الطبيب "إسلام شمس"
الذردى يتذكر قصة الأم التي لن ينساها هي أو أبناءها الذين انتقلت لهم العدوى من رب الأسرة العائد للتو من إيطاليا، ويقول: "قصة هذه العائلة لا يمكن أن ينساها طوال حياته".
يسترجع "شمس" الذي يعمل بمستشفى قها، تفاصيل هذه القصة بقوله: "أصيبت الأم واثنان من أبنائها بكورونا عن طريق الأب، بينما بقي طفلهما الثالث في الخارج بعدما تأكدوا من سلبية تحاليله".