تعافي مشروط.. سيناريوهات الاقتصاد المصري في ظل تداعيات كورونا
مع توالي التحذيرات بأن الاقتصاد العالمي يتجه نحو أكبر ركود في العصر الحديث، جرى استثناء مصر على نطاق واسع من بين قائمة كبيرة من الدول التي يرجح صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى أن اقتصاداتها ستنكمش خلال العام الجاري.
وجاءت توقعات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في نفس السياق، إذ توقع في أحدث تقرير عن "الآفاق الاقتصادية للمنطقة" أن يحقق الاقتصاد نموا خلال العام الجاري وأن يفوق أداء الاقتصاد المصري أفضل من كل دول المنطقة خلال العام، مع تحقيق ثاني أفضل نمو بعد لبنان خلال العام المقبل.
وذكرت هايكه هارمجارت، المديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط في البنك الأوروبي، أن مصر ستتضرر بشدة من جائحة "كوفيد-19"، كما هو الحال في جميع البلدان التي نقيمها. ويعكس هذا حقا مدى الترابط في العالم.
وأشارت إلى أن مصر دخلت أزمة الوباء من نقطة قوة، بعد تحقيق نمو اقتصادي مرتفع في 2019، وهي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي لن تشهد ركودا خلال 2020، متوقعة أن مصر ستتعافى بقوة بعد ذلك في 2021، وتظهر هذه التوقعات نجاح إصلاحات الاقتصاد الكلي التي جرى تنفيذها بالفعل ومرونة الاقتصاد المصري.
وأوضحت أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الاقتصاد المصري تتمثل في أن جميع السيناريوهات مترابطة على المستوى العالمي، لذا فإن الأداء الاقتصادي لمصر أو أي دولة سيعتمد بشكل كبير على أداء بقية العالم، حتى لو طبقت الدولة أفضل إجراءات من جانبها.
وتضرب "هارمجارت" مثالًا على ذلك ببعض السيناريوهات التي وُضعت تعتمد على افتراضات مختلفة للسياحة وهو قطاع حيوي جدا بالنسبة لمصر، قائلة "بالطبع، انتعاش السياحة في ربيع 2021 سيكون أفضل بكثير من أن تنتعش في صيف أو خريف 2021، لكن تعافي السياحة يعتمد على عدد من العوامل العالمية، بما في ذلك كيفية تضمين اختبارات الفيروس ضمن إجراءات السفر، والسياسات التي وضعتها البلدان التي تأتي منها السياحة الوافدة إلى مصر. ومتى ستقرر تلك الدول إعادة فتح اقتصاداتها، وهل سيكون هناك اتفاقيات ثنائية أو عالمية لاستئناف السياحة؟".
وأكدت أن هذا القطاع يحتاج وقتا حتى يتعافى، لكن السياسة الرئيسية التي يجب اتباعها هي تطبيق معايير صحية فائقة في الفنادق والمواقع السياحية، والإشراف والمتابعة بشكل مكثف، وبحسب "هارمجارت" هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن لمصر القيام به بنفسها.
ومن الركائز الرئيسية الأخرى التي تساهم في الاقتصاد المصري والتي لسوء الحظ ليست تحت السيطرة هي التحويلات من العاملين بالخارج وإيرادات قناة السويس، وكلاهما تضرر بشدة، حسبما ذكرت رئيس المسؤولة في البنك الأوروبي، مضيفة "نامل أن تعود حركة التجارة العالمية إلى نشاطها بقوة وحتى إذا تراجعت بعض سلاسل القيمة العالمية، ستبقى قناة السويس أحد أهم الطرق الملاحية على مستوى العالم".
وأكدت أن مصر في حاجة إلى التركيز حاليا على الاستمرار في ضمان قدرة المنظومة الصحية على التعامل مع الجانب الصحي من الأزمة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال توسيع دائرة اختبار فيروس كورونا، وتتبع المخالطين للمصابي الفيروس، متبوعا بالعزل الصحي.
وأشارت إلى أن المرحلة الأولية من التعافي تتطلب اعتمادا كبيرا على القطاع الخاص، لذلك من المهم في هذا التوقيت التأكد من مرونة القطاع وقدرته على الابتكار، وهذا يتطلب عدم الإفراط في التنظيم والرقابة أو تعقيد عملية الترخيص، بل يجب الحد من البيروقراطية وضمان الحفاظ على الاستثمار المحلي في هذه الأوقات الصعبة.