مفتى الخراب.. الملف السرى لصادق الغريانى سمسار بيع ليبيا
يعدّ من أهمّ الشخصيات الدينية، التي تعوّل تركيا على فتاواه المضلّلة، كغطاء لشرعنة تدخلها العسكري في ليبيا وسلاح للسيطرة على ثروات الليبيين وخدمة مشروعها التوسعي في المنطقة وتحقيق الهيمنة، ويوصف في ليبيا بـ (مفتي الفتنة والإرهاب والدّم)، وكذلك "مفتي قطر"، أنه مفتى الإرهاب الصادق عبد الرحمن علي الغرياني، والذى يعد الغطاء الشرعي لحكومة الوفاق الليبية.
ودائمًا يمعن "الغريانى" في التحريض على سفك الدماء وترويع الآمنين ودعم الجماعات الإرهابية، وتكفير أبناء الشعب الليبي من القوات المسلحة والأمن والقبائل والمدن والقرى الموالية للقيادة العامة للجيش الوطني، حيث يصفهم حينًا بالكفرة وأحيانًا بالصهاينة وأعداء الإسلام، داعيًا الجماعات الإرهابية التي تأتمر بأوامره إلى قتلهم وتهجيرهم.
وخلال الأيام السابقة، أثار "الغريانى" جدلًا كبيرًا بالفتوى الغريبة والمتطرفة التى أطلقها، والتى تدعو إلى تسليم ثروات الليبيين إلى تركيا، عبر منح أنقرة الأسبقية في عمليات التنقيب عن النفط والغاز.
وفضح الغرياني، المقيم في تركيا في حديث تلفزيوني عبر قناة "التناصح"، خطة تركيا لاستنزاف ثروات الليبيين وأطماعها داخل ليبيا، وذلك من خلال دعم حكومة الوفاق عسكريًا وسياسيًا للبقاء في الحكم.
وقال الغرياني: "يجب علينا أن نقف مع تركيا كما وقفت معنا وهبّت لنصرتنا في وقت الأزمة والظروف الصعبة، ونتعامل بإيجابية مع البنود الأخرى للاتفاقية ولا نخذلهم"، وذلك في إشارة لاتفاقيتي التعاون العسكري وترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل اللتين وقعهما رئيس حكومة الوفاق فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية شهر نوفمبر الماضي، والتي تُتيح لأنقرة الاستفادة من مخزونات الطاقة الموجودة بشرق المتوسط عبر البوابة الليبية.
وأضاف الغرياني: "ينبغي أن تكون لتركيا الأسبقية في علاقاتنا الاقتصادية وفيما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز، فهي أولى من أي دولة أخرى".
وحثّ الغرياني حكومة فايز السراج على ضرورة الالتزام بـ"العهد والميثاق" لأن تركيا أوفت بعهدها، في إشارة إلى الدعم التركي اللامحدود الذي قدمته أنقرة إلى حكومة الوفاق وقواتها في معركتها ضد الجيش الليبي.
وكان الغرياني أحد داعمي مشروع "ليبيا الغد" الذي كان يقوده سيف الإسلام، نجل الزّعيم الليبي الرّاحل معمّر القذّافي، ولم يتوانى عن القفز من السفينة منذ بداية أحداث الحرب على ليبيا في عام 2011، قالبًا موقفه من النقيض إلى النقيض، عندما أطلّ عبر التلفاز ليدعو إلى الخروج عن حكم العقيد معمّر القذّافي.
وطيلة الحرب على ليبيا في عام 2011، كان "الغرياني" يُكرّر دعوته بشكل يومي إلى تقاتل أبناء البلد الواحد بين بعضهم البعض، والدّعوة إلى ما أسماه بـ "الجهاد ضد كتائب القذّافي" من أبناء الليبيين.
وبعد سقوط نظام العقيد معمّر القذّافي، واصل الغرياني، إهداره للفتاوي وإهداره لدم الليبيين، حيث لم يسلم من تحريضه إلاّ حلفاؤه المقرّبون من الجماعات الإسلامية والجهادية الإرهابية وطالت فتواه كل القوى الوطنية والمنظمات والأجسام السياسية.
وفي عام 2012، أصدر المؤتمر الوطني العام القرار رقم 7، المشهور الخاص بمدينة بني وليد معقل قبيلة ورفلة، ولم يتأخّر الغرياني، عن لعب دوره التحريضي على التقاتل وسفك الدّماء، وتقديم لغة الحرب على لغة الحوار، بإسناده عبر "غطاء شرعي" لهذا القرار، الذي يُعتبر أحد أهمّ الضربات التي هزّت وحدة النّسيج الاجتماعي الليبي، بما خلّفه من أحقاد بين مدن وقبائل داخل الوطن الواحد.
وفي أوّل انتخابات تشهدها ليبيا، بعد سقوط النّظام، انتخابات المؤتمر الوطني، انحاز الغرياني إلى قوى الإسلام السياسي والجماعات المتطرّفة، في مقابل دعوته لعدم التصويت لتحالف القوى الوطنية الذي يتزعّمه محمود جبريل، بتبريرات صاغها بلغة دينيّة ولكن بمضمون سياسي وتحريضي واضح ومنحاز.
ويعد الصادق عبد الرحمن علي الغرياني - مواليد 1942م- من أهم "عرابي الإرهاب" في ليبيا، خاصة بعدما نصبته الميليشيات الإخوانية مفتياً عاماً للديار الليبية في فبراير 2012.
ومنذ تنصيبه مفتيا للديار الليبية، بدأ الغرياني فى إطلاق فتاوي كثيرة لسفك الدماء فى ليبيا ليُطلق عليه الليبيون "مفتي الدم"، و"مفتي الفتنة"، حيث تركزت فتاويه لتصب فى مصالح وأهداف الجماعات الإرهابية فقط، ليُساهم بذلك فى انتشار الفوضى والدم فى ربوع ليبيا، فارتكبت عدة جرائم عنف استنادًا إلى فتاواه، التي طالب خلالها الجماعات الإرهابية، برفع السلاح ومحاربة قوّات الجيش الليبي.
وخلال السنوات التسع اعتمد المتطرفون الليبيون على فتاوى الغرياني، كذريعة للقتل، حتى أنه اعتبر أعضاء البرلمان الليبي، والجيش الوطني الليبي كفار يجب قتالهم، مستخدمًا الخطاب الداعشي المتطرف في حشد الشباب الليبي في مواجهة الجيش الوطني.
وأصدر الغرياني، فتاوى داعمة للجماعات المتطرفة، وأباح اقتحام تنظيمي "القاعدة" و"داعش" للمدن الليبية، الأمر الذي جعله يوصف بـ"مفتي الإرهاب"، وتسبب في خلعه من منصبه ليستقر في تركيا وظل يُحرض على الفتنة والقتل.
ورغم أن مجلس النواب الليبي أصدر قرارًا بعزله من منصبه كمفتي لليبيا في 2014، إلا أن صادق الغرياني يُقدم نفسه على أنه مفتي البلاد، ويتفاخر بعضويته لما يُسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتزعمه الإرهابي يوسف القرضاوي، ليستمر دوره المشبوه من قلب تركيا ليبث سمومه في ليبيا.
وفي ديسمبر الماضي، أصدر الغرياني، فتوى غريبة، حول عزم تركيا إنشاء قواعد عسكرية تركية في ليبيا، واعتبر أن هذا الأمر "حلال شرعًا ومشروع قانونًا"، مستشهدًا على ذلك بآيات قرآنية، وقال المفتي المعزول، في مقابلة مع قناة التناصح التابعة لجماعة الإخوان والتي تبث من تركيا، إن مذكرتي التفاهم التي وقعها فائز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري فرصة شرعية يجب علينا أن نغتنمها لأنه تحالف ضد عدو غادر.
وأكد الغرياني أن منح دولة أجنبية إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في ليبيا لا يعيرنا في الحق ما دام لنصرة الحق لأنه أمر مشروع ومتعارف عليه من الدول الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا والتي توجد فيها قواعد عسكرية أجنبية، زاعمًا أن بريطانيا وألمانيا فيها قاعدة عسكرية أمريكية، وأكد أن تلك القواعد العسكرية التركية مشروعة قانونًا وشرعًا،على حد زعمه.
ويمتلك الغرياني ثروة طائلة تصل إلى أكثر من 100 مليون دولار موجودة في مصارف قطر وتركيا وبريطانيا، كما يمتلك جواز سفر قطريًا وإقامة دائمة في تركيا وأخرى في بريطانيا.
ويتخذ الغرياني الذى يعيش فى تركيا حاليًا، قناة "التناصح"، وهي قناة فضائية تمول بشكل كامل من قبل قطر الداعم الأبرز للفوضى في ليبيا، لبث سمومه التي يُقدمها ضمن وجبات دينية مكثفة، للعبث في عقول الشباب الليبي المتحمس، ليصدر فتاوي تدعم الإرهاب و ضد الجيش الوطني الليبي، بل دعى الشباب لقتلهم، وتجاوزت فتاوي أخرى له حدود المنطق والعقل.
ويطلق بعض الليبيين صفة "مفتي قطر" على الغرياني، وذلك لدفاعه المستمر عن تدخل الدوحة في الشئون الداخلية لليبيين، ودعمها اللامحدود للتيار الإسلاموي المتطرف.